الإمبراطورية الرومانية التي ظهرت المسيحية في كنفها، توسعت وامتدت خارج حدود أوروبا، بحيث أن أغنى مقاطعاتها وأكثرها ثراء كانت تقع في الشرق الأدنى وفي أفريقيا. في القرن الخامس الميلادي أقيمت في المسيحية خمس بطريركيات، واحدة منها فقط كانت في أوروبا أما البقية فكانت الإسكندرية في قارة أفريقيا بينما الثلاثة الباقية وهي القسطنطينية وأنطاكية والقدس فكانت في آسيا.
وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب، حافظت المسيحية على ثقافتها وتراثها الفكري في الإمبراطورية الشرقية، أي في آسيا الصغرى (تركيا حاليا) وبلاد الشام ومصر.
المدن المسيحية في الشرق مثل أنطاكية والرها ونصيبين كانت تمثل فخر العالم المسيحي ومجده. وذلك حتى القرن الثامن الميلادي. بين العام ٦٤٠ و٧٤٠ ميلادية جلس على كرسي بطرس ستة بابوات من بلاد الشام.
احتفظت الكنائس الشرقية للعذراء مريم بتقوى خاصة ومتميزة منبعها بعض الأناجيل المنحولة الشائعة. هذه التقوى أدت إلى انتشار عدة أعياد مريمية منها تقدمة العذراء والبشارة وميلاد العذراء وذكرى انتقالها. في نهاية القرن السابع الميلادي، قام باعتماد هذه الأعياد في روما قداسة البابا سرجيوس، والذي ينحدر من عائلة أصلها من أنطاكية. ومن هناك انتشرت التقوى المريمية في سائر أنحاء أوروبا الغربية.
من كتاب “تاريخ المسيحية المفقود، عصر ذهبي قوامه ألف عام” للكاتب فيليب جينكينز